مركز التراث الثقافى

يمثل تعريف الثقافة إشكالية يصعب على القائمين عليها وضع إطار مرجعي ، إلا أن منتجات الثقافة ذات ثوابت واضحة في أذهاننا سواء أكان منتجاً مادياً أو غير مادي ( كتابياً أو شفاهياً ) ، ولكن في الآونة الأخيرة صاحب تركيز المجتمع على الثقافة الكتابية إقصاء واضح للثقافة الشفاهية التي يتميز بها مجتمعنا ذو الجذور الحضارية الممتدة، ويمثل الإرث الفولكلوري بشقيه المادي والمعنوي أحد مفردات البيئة الثقافية في جنوب مصر ، وعليه يمكن اعتبار الجنوب أرضاً خصبة لتجميع مفردات الفولكلور المصري قبل أن يتلاشى ويندثر جراء ضغوط وسائل بديلة ، ورغم ذلك فلم يلق الجنوب اهتماماً لتجميع تراثه الشعبي بوسائل علمية تتبع وسائل التصنيف والأرشفة التي سبق وأن تبعتها مراكز التراث الشعبي العالمية .

أما الأدب الشعبي فيلعب دوراً هاماً باعتباره أنموذجاً للثقافة التي كانت سائدة في الجنوب والتي لعبت وسائل الاتصال الحديثة دوراً في تقليص دوره بعد أن كان هذا الأدب وسيلة ترفيهية يمارسها الأهالي بعد عناء عمل شاق أو أثناء القيام بمراحل الزراعة المختلفة، كذلك منه ما كانت ترويه الجدات لصغارهن من حكايات وقصص منها ما يدعو للترهيب ومنها ما يدعو للترغيب ، على أنها لا تخلو أبداً من حكمة أو موعظة أو قيمة جمالية .

إن قرانا وبيوتنا في الجنوب لا تكاد تخلو من شيخ أو عجوز – ربما لا يعرفون القراءة ولا الكتابة – بيد أن ذاكرتهم تحفظ العديد من الحكايات والقصص والأشعار والمواويل والأمثال والغلاليب التي كانت تروى لهم وهم صغار .

ونحن باهتمامنا بالأدب الشعبي نحافظ على جوانب ثقافتنا الشعبية المعرضة لعوامل التعرية والفناء وهذا ما نلحظه من تراجع أعداد الرواة يوما بعد يوم .

ولذا جاء إنشاء مركز التراث الثقافي غير المادي في كلية الآداب بقنا ليؤدي دوراً في تجميع وتوثيق وحفظ هذا التراث .